اسهامات العلماء المسلمين في تطور الحضارة الإنسانية

 


قامَ المسلمونَ ببناءِ حضارةٍ إنسانيةٍ لَمْ تزَلْ شاهدةً علَى تطوُّرِهِمْ ونَهضتِهِمْ فِي تاريخِ البشريةِ، معتمدينَ فِي ذلكَ علَى العلمِ النافعِ، ودافعُهُمْ فِي ذلكَ اهتمامُ القرآنِ الكريمِ بالعلمِ، فاستنفَرَ فيهِمُ الطاقاتِ والقدراتِ، ودعاهُمْ إلَى تعاهُدِ المواهبِ المخزونةِ فيهِمْ وحُسْنِ اغتنامِهَا مِنْ خلالِ دعوةِ القرآنِ الكريمِ إلَى التأمُّلِ فِي المحيطِ الكونِيِّ والإنسانِيِّ، قالَ تعالَى: "قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ"  سورة يونس100.

كمَا أنَّ القرآنَ الكريمَ رفعَ مكانةَ مَنْ يسعَى فِي طلَبِ العلمِ ويُبدعُ فيهِ، قالَ تعالَى:" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ " سورة المجادلة 11. إنَّ هذَا الفضلَ ليسَ مقصوراً علَى علومِ الشريعةِ الإسلاميةِ، وإنَّمَا يَمتدُّ ليشملَ كلَّ العلومِ النافعةِ الأُخرَى التِي تخدمُ الإنسانيةَ مِنَ الطبِّ والهندسةِ والفلَكِ والرياضياتِ والجغرافيِا والفيزياءِ، والكيمياءِ، والجيولوجيَا، وغيرهَا.

لقَدْ تفاعلَ المسلمونَ معَ توجيهاتِ القرآنِ الكريمِ عبْرَ القرونِ المتعاقبةِ، فكانَتْ إسهاماتُهُمْ واضحةً، وبصماتُهُمْ بارزةً فِي بناءِ الحضارةِ الإنسانيةِ فِي شتَّى الميادينِ منذُ فجرِ الإسلامِ.

فكان لهم السبق في تقدم علوم: الطب، والرياضيات، والميكانيكا، والجغرافيا، والتاريخ. وقد اتصف بينهم بالتفكير العلمي كثير من الباحثين، أمثال: الرازي، وجابر بن حيان، وابن سينا، وابن الهيثم، والبتاني، والخوارزمي، والبيروني، وابن خلدون، وغيرهم.

و الحضارة الإسلامية لها خصائص فريدة منها الأخلاق والنزعة العلمية والتلازم بين العلم والعمل، وتقدير قيمة الوقت، فضلا عن الحرية المطلقة. وانطلاقا من الدعوة الصريحة التي يوجهها القرآن الكريم إلى العلم وابتكار وسائله عن طريق تفعيل الحواس المرتبطة بالعقل عند الإنسان، كان التلازم في مسار الحضارة الإسلامية بين الإيمان والعلم والعمل.

وقد كشف تاريخ هذه الحضارة عن الدور الذي قام به العرب والمسلمون في تقدم العلوم وتطورها؛ فاكتسبوا بذلك مكانة لم ينكرها عليهم أحد من علماء الغرب الـمنصفين، أمثال: سارطون، وسيديو، وويلز، ونيكلسون، والبارون ديفوكارا. وقد أثر عن نيكسلون قوله: «إن المكتشفات العلمية التي نحن مدينون بها للرواد العرب، أكثر من أن تحصى؛ فلقد كانوا مشعلا وضاء في القرون الوسطى للظلمة، ليس في أوروبا وحدها، بل في العالم أجمع».

ويقول البارون كاراديفو: «إن الميراث العلمي الذي تركه اليونان، لم يحسن الرومان القيام به. أما العرب المسلمون فقد أتقنوه، وعملوا على تـحسينه وإنمائه حتى سلموه إلى العصور الحديثة». ويذهب سيديو إلى أن العرب والمسلمين هم في واقع الأمر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة.

ويقول بريفو في كتابه ” تكوين الإنسانية “ عن دور العرب العلمي :

“العلم هو أجل خدمة أسدتها الحضارة العربية إلى العلم الحديث .فالإغريق عظموا أو عمموا ووضعوا النظريات ولكن روح البحث وتجميع المعرفة اليقينية وطرائق العلم الدقيقة والملاحظة الدائبة كانت غريبة عن المزاج الإغريقي وإنما كان العرب هم أصحاب الفضل في تعريف أوروبا بهذا كله وبكلمة واحدة أقول إن العلم الأوروبي مدين بوجوده للعرب “.

ومن يتتبع إنجازات الحضارة الإسلامية في مجال العلوم الطبيعية، سيجد أنهم أول من استخدم المنهج العلمي التجريبي الذي اتخذوه أساسًا للبحث والتفكير العلمي؛ فكان هذا المنهج أعظم هدية قدمتها الحضارة الإسلامية لتاريخ البشرية كلها.

ففي هذا الصدد نجد أن علماء المسلمين هم أول من ابتكر الأسلوب التجريبي في تناولهم للمعطيات العلمية والكونية من حولهم هو ما أدى إلى تأسيس قواعد المنهج العلمي التجريبي الذي ما زال العلم المعاصر يسير على هديه. ومن العلماء المسلمين الذين كان لهم باع طويل في هذا المجال الحسن بن الهيثم وابن النفيس، والخوارزمي، وجابر بن حيان وغيرهم كثير. 

في علم الطب :

كما أسهم المسلمون في علم الطب والصيدلة فليس هناك مجال حيوي حضاري ساهم فيه المسلمون أعظم من الطب فهم بهذا العمل لم يخدموا العالم الإسلامي فقط بل خدموا البشرية كلها جليلة امتدت إلى يومنا هذا. فابتكروا طرقا علوما جديدة في المجال الطبي التي أدت بهم إلى الوصول إلى درجة متقدمة جدا أكثر مما يظن الكثير من المعاصرين.

كما تقدم المسلمون في علم التشريح باعتبار ما كان يمثله من دعوة للمسلمين إلى التجربة والمشاهدة والنظر الدقيق كمنهج علمي للوصول إلى الحقائق الطبية والتخلص من التخرصات التي لا تقوم على دليل أو برهان، وهنا يتركز فضل المسلمين في التوسع فيه وقيامه على الدقة والمشاهدة والتحليل العميق.

فضلا عن ذلك فقد حقق المسلمون تقدما كبيرا في مجال الجراحة ومارسوا جراحة العظام والسرطان وما تبع ذلك من استحداث مواد وطرق جديدة لخياطة الجروح وتعقيمها في التخدير أثناء العمليات الجراحية. وأعظم جراح مسلم أنجبته القرون الوسطى هو الطبيب الزهراوي الذي حقق الكثير من الإنجازات الطبية في هذا المجال ويعتبر مؤسس المنهجية التي قام عليها هذا الفرع المهم من الطب.

كما أن مكتشف الدورة الدموية الصغرى هو العالم العربي الكبير ابن النفيس .

في علم الفلك :

ومن الطب إلى الفلك فهذا العلم في حياة المسلمين ارتبط بكثير من شعائر دينهم حيث وعت الأمة الإسلامية على اهتمام قرآني غير مسبوق في الكتب السماوية الأخرى فيما يتعلق بالفلك والكون المحيط بالإنسان بكل معطياته. ومن الإنجازات الإسلامية التي يشير لها هنا بناء المنهج الفلكي على أسس أولية راسخة من حيث الدافع والهدف والرغبة مستشهدا في ذلك بما يقوله وول ديورانت بأن الفلكيين المسلمين لم يكونوا يقبلون شيئا إلا بعد أن تثبته الخبرة والتجارب العلمية،

وكانوا يسيرون في بحوثهم على قواعد علمية خالصة.

فمن مظاهر النهضة العلمية الإسلامية في مجال الفلك، بناء المراصد التي كانت مبثوثة في العالم الإسلامي من أقصاه شرقا إلى أقصاه غربا. ويلاحظ أن المسلمين حرصوا على إقامة مراصدهم في أماكن رفيعة لأنها أنسب وأكثر دقة في رصد الكواكب ولأنهم بذلك يرتفعون على أي بناء يحجب السماء عنهم.

في مجال الرياضيات :

 طور المسلمون رمز الصفر و قاموا بتنظيم الأرقام في النظام العشري ، الأساس 10.

 بالإضافة إلى ذلك ، قاموا بتصميم الرمز لتحديد كمية غير معروفة بدقة ، أي متغيرات مثل x

  صمم أول عالم رياضيات مسلم كبير ، محمد بن موسى الخوارزمي ، موضوع الجبر ، الذي طوره آخرون ، وأبرزهم عمر الخيام.

 حمل عمل الخوارزمي ، بالترجمة اللاتينية ، الأرقام العربية مع الرياضيات إلى أوروبا ، عبر إسبانيا، اذ ان كلمة “خوارزمية” مشتقة من اسمه .

 عالم رياضيات استثنائي آخر هو غياث الدين الكاشاني من أواخر القرن الرابع عشر.عمل على نظرية الأعداد و تقنيات الحسابات.ومن أهم أعماله مفتاح الحساب أو مفتاح الآلات الحاسبة.وقام  قام بتعريف خوارزمية لإيجاد الجذر الخامس لأي رقم.

 أما حساب المثلثات فقد أصبح علماً مستقلاً  بفضل العلماء العرب مثل البتاني (ق 9-10) وأبو الوفاء البوزجاني (ق10) ونصير الدين الطوسي (ق 12) وغيرهم. فقد اكتشف العرب دالة الظل وظل التمام وبرهنوا نظريات الجيوب وجيوب التمام وغيرها .

في علم الجغرافيا :

أما في مجال الجغرافيا فقد توصل المسلمين إلى تحديد دقيق لدرجات الطول ودوائر العرض وتمكنهم من ضبط تحديد عرض الأماكن عن طريق قياس ارتفاع النجم القطبي أو الشمس. وقد ظهر في المسيرة العلمية للجغرافيا الإسلامية أفذاذ من العلماء الموسوعيين الذين لم يقتصر جهدهم على علم دون آخر فكان للجغرافيا من علمهم نصيب،

ومن هنا نرى إسهام المسعودي كمؤرخ في الجغرافيا وكذلك نرى العالم البيروني كعالم طبيعيات يسهم في مجال الجغرافيا وكذلك الكندي من ضمن إسهاماته الجغرافية الفلكية قوله بأن سطح البحر كروي كاليابسة. أما الأصطخري فهو أول عالم جغرافي ذا منهجية واضحة المعالم وخلف لنا كتابه «المسالك والممالك» ذكر فيه أقاليم بلاد الإسلام وغيرها وكان فيه دقيقا لم يعتمد فيه على النقل من غيره، وقد أحصى في كثيرا من المدن والأنهار والجبال.. ألخ.

و قد تمت ترجمة كتاب القزويني «آثار البلاد وأخبار العباد» إلى اللاتينية ولقبه الأوروبيون «بلين العرب» نسبة إلى بلين اللاتيني الذي له كتاب تاريخ الطبيعيات. أما كتب المعاجم الجغرافية التي كان المسلمون سباقون اليها فقد انتقل تأثيرها إلى أوروبا حين خرج اول معجم جغرافي أوروبي بعنوان «معجم أوتيليوس» في القرن السادس عشر الميلادي في حين كان أول معجم إسلامي هو معجم البكري الأندلسي الموسوم بـ «معجم ما استعجم».



في علم الكيمياء :

أما عن إسهام المسلمين في علم الكيمياء فمنهم جابر بن حيان باعتباره مؤسس الكيمياء المنهجية في الحضارة الإسلامية. هو أول من اخترع علم الكيمياء ، وهو أول من حضر الحوامض وحامض الكبريت وعمل تطبيقات كيمياوية كتقنية المعادن ومؤلفاته لها فضل كبير على علم الكيمياء كما وصف الحامض الآزوتي والماء الذي يحلل به الذهب ونترات الفضة والعمليات الكيماوية كالتقطير والتصعيد  .وقد اعتمد المسلمون على التجربة وحدها للوصول إلى الحقيقة العلمية ولذا اهتموا كثيرا بإنشاء المختبرات لإجراء تجاربهم وكان من هذه المختبرات مختبرا لجابر بن حيان وآخر للرازي. أما بالنسبة للأجهزة الكيميائية التي توصلوا لها فمنها جهاز التقطير، كما عرف المسلمون ميزان الماء وقد تحدث عنه العالم الخازني ووصفه وصفا دقيقا وعن استخداماته لقياس كثافة المادة.

في علم الفيزياء :

كان للمسلمين أيضا اسهام في مجال الفيزياء فقد خاضوا غمار هذا العلم ببراعة وذكاء منقطعي النظير حتى لكأنهم أنشأوا علما جديدا فمن انجازاتهم واكتشافاتهم أنهم بحثوا في الوزن النوعي للمعادن والسوائل أما المعادن فكان أول من تطرق إلى وزنها هو سند بن علي الذي عاش في خلافة المأمون. كما أن المسلمين استطاعوا قياس الوزن النوعي للسوائل والذي يعد حتى في العصر الحديث بوسائله المتطورة أمرا عسيرا.

كما درس العلماء المسلمون الصوتيات وأصلها ونقلها.

و كانوا أول من فهم أن الأصوات تتأثر بالأجسام التي تسببها وأن هذه الأصوات تنتقل إلى الهواء على شكل موجات دائرية.

كما أنهم أول من صنّف الأصوات إلى أنواع مختلفة، وذكروا أن أصوات الحيوانات تختلف باختلاف طول أعناقها وعرض حنجرتها وبنية حنجرتها.

و فسروا ظاهرة الصدى على أنه انعكاس للهواء الذي يصطدم بجبل أو جدار مرتفع.، اذ لا يمكن إجراء انعكاس الصدى بسبب القرب المكاني.

في الصناعة :

كما كان للمسلمين الفضل في صناعة الورق في نشرها على مستوى العالم آنذاك فلولا الورق الإسلامي حسب توصيفه لما تقدمت العلوم ولا نشطت حركة التدوين ولولاها لما دارت مطابع أوروبا ابتداء من القرن الخامس عشر.

وأدى ذلك بشكل عام إلى توسع العلم بصورة عامة لسهولة الحصول على الكتاب بسبب توفر الورق الصالح للكتابة

كما كان دور في صناعة الزجاج حيث توصلوا إلى استخراجه من الحجارة «الرمل» وتنسب أسبقية هذه الصناعة إلى عباس بن فرناس من علماء الأندلس وكان الزجاج يستخرج بصهر الرمل بعد إضافة «البورق» و«النطرون» وهو الصودا الكاوية وذلك عن طريق التشميع وهو تذويب للمادة لتسهيل بعض العمليات الكيميائية عليها.

كما أسهموا في صناعة الأسلحة النارية والباردوية معتبرا تطويرها على يد المسلمين أعظم أنجاز علمي عسكري وصلت إليه الأمة

في علم الصيدلة :

برع علماء المسلمين في تركيب الادوية من عناصر كيميائية مثل الزئبق وغيره كما أدخلوا ولأول مرة السكر في تركيب الدواء المر لتحليته خاصة عندما يوصف ذلك الدواء للأطفال كما اكتشف الطبيب ابن جزلة في كتابه «المنهاج» فائدة زهر حجر أسيوس أو ملح البارود البحري في تركيب الكحل علاجا يقوي البصر ويجلو العين ويذهب بسحابة القرنية.


ترجمة الغرب لعلوم المسلمين :

تمت ترجمة مؤلفات كبار العلماء العرب مثل الخوارزمي وغيره إلى اللاتينية ما ترك أثراً  هائلاً في تطور العلم الغربي ، حيث أصبح الحساب الهندي أول إسهام عربي في تكوين الالعدة الرياضية في أوروبا . فقد عرف الأوروبيون الأرقام العشرية عن طريق العرب وسموها الأرقام العربية. وكذلك تعرف كبار العلماء من أمثال كبلر وكوبرنيكوس على أعمال ابن الهيثم وابن الشاطر وغيرهم من علماء الرياضيات والفلك. ويذكر بعض الباحثين أن مكتبات كوبرنيكوس ونيوتن وبيكون وغيرهم من أشهر علماء الغرب كانت تحتوي على كتب عربية.

وللأسف فقد رافقت عمليات الترجمة ظواهر سيئة مثل سرقة البحوث ونسبها لعلماء أوروبيين مثل ريجيو مونتانوس الذي نسب لنفسه أبحاث في المثلثات وغيرها تعود إلى علماء عرب مثل أبي كامل والكرجي وغيرهم. كم أن الطبيب الانجليزي هارفي نسب لنفسه اكتشاف الدورة الدموية الصغرى وقد تم في القرن العشرين اثبات سرقة هارفي لهذا الاكتشاف، حيث كان هارفي يتقن العربية واطلع على كتاب ابن النفيس.والأمثلة على ذلك كثيرة. ومعظمها جرى تصحيحها وإعادة الحق لأصحابها.

خاتمة 

إن التراث العلمي العربي في ظل الحضارة العربية الإسلامية الممتدة من القرن 8 الميلادي وحتى القرن 16 للميلاد، غني جداً لدرجة أنه كان يتحتم على الإنسان المثقف الذي يريد الإلمام بكل جوانب علوم عصره أن يتعلم اللغة العربية وقد قال المؤرخ والفيلسوف جورج سارتون في كتابه تاريخ العلم: ” إن علماء الإسلام والعرب عباقرة القرون الوسطى ، وتراثهم من أعظم مآثر الإنسانية.

كما أن علوم الحضارة الإسلامية متميزة عن العلوم القديمة بأنها عالمية وليست محلية؛ لأنها نشأت في موطن يعد مركزا للاتصال بين أفكار العالم المتباعدة، وانتشرتْ في دولة كبرى امتدت من حدود الصين شرقًا إلى حدود فرنسا غربًا في أقل من قرن من الزمان، وذلك بفضل الإسلام الحنيف: دينًا وعقيدةً وقيمًا وخلقًا.

لكن البعض من مفكري وعلماء وفلاسفة الغرب من يعرض التطور الحضاري، والعلمي منه خاصة، من الفترة اليونانية ويتكلم عن العبقرية اليونانية أو المعجزة اليونانية ، ويقفز إلى العبقرية أو المعجزة الأوروبية الغربية كاستمرار للحضارة اليونانية دون ذكر للحضارة العربية وهذا تجني وتحامل وعدم أمانة للتاريخ وعدم احترام للحقيقة التاريخية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق